زار رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في القصر الجمهوري في بعبدا حيث جرى عرض للتطورات الراهنة على الساحة المحلية وتحديدا النقاش القائم حول قانون الانتخابات . وبعد اللقاء أدلى معوض بالتصريح التالي:
ان اللقاء مع فخامة الرئيس شكّل فرصة للتداول في الاوضاع العامة في البلاد وخصوصا فيما يتعلق بالنقاش الدائرحول قانون الانتخاب. وانني في هذا الاطار لا بد من أن أؤيد وأشيد بموقف فخامته الجريء الرافض لتبني أي قانون انتخاب مخالف للميثاق والدستور بما فيه ما يسمّى بالقانون الارثوذكسي”.
أضاف معوض :”ونحن اذ ثمّن مقاربة بكركي للوصول الى اتفاق، بل الى اجماع بين القوى المسيحية حول قانون الانتخاب ،واذ نؤكد تمسكنا بضرورة تصحيح التمثيل المسيحي وأسسس الشراكة الوطنية التي شوّهت بفعل قوانين الانتخاب التي أقرت منذ ال 1992 وحتى اليوم .الاّ أننا نعتبر أن اعتماد قانون ايلي الفرزلي له أثمان كبيرة ويؤسس لمخاطر جسيمة على الهوية والكيان الجمهورية وعلى الوجود المسيحي الحر في لبنان :
أولا:اذا كان صحيحا أن قانون ايلي الفرزلي يؤمن لكل الطوائف اللبنانية وبما فيها للمسيحيين أن يختاروا نوابهم الاا انه يوجد قوانين أخرى تؤمن هذا الهدف تقريبا دون ان يكون لها التداعيات الخطيرة التي تنتج عن هذا القانون على المدى الابعد . هذا هو حال قانون الدوائر الصغيرة المقدم من قبل حلفائنا والذي يؤمن التمثيل الصحيح دون أن يشكل خطرا على الدولة والميثاق والكيان.
ثانيا : ان قانون ايلي الفرزلي يحصر المواطن اللبناني بهويته الطائفية ويلغي المساحة المشتركة بين اللبنانيين ليحولهم الى مجرد مجموعات طائفية تتصارع فيما بينها .فأول ضحية لهذه المعادلة هي الدولة اللبنانية التي ستصبح مخطوفة نهائيا من زعماء المذاهب مما يشكل خطرا على الهوية اللبنانية والكيان ويحول لبنان الى مجرد ساحة لصراع الطوائف دون ضوابط .وفي ظل غياب دولة فاعلة وجمهورية حديثة سيتحول حكما المسيحيين الى الطرف الاضعف في المعادلة اللبنانية ،ان بسبب التناقص العددي أو بسبب الظروف المحيطة بهم. فحماية المسيحيين هي في الحفاظ على الهوية اللبنانية المنفتحة والحديثة، في الحفاظ على الجمهورية ومؤسساتها، في الحفاظ على الميثاق ، في بناء دولة قوية وقادرة على فرض سيادة القانون على الاراضي وكل المواطنين.
ثالثا : ان هذا القانون يفتح الباب على مصراعيه للانزلاق في منطق العدديات ويمهّد لمبدأ المثالثة اذ أن نتائج أي انتخابات تجري على أساس هذا القانون سيظهر تفاوتا في احجام التمثيل لا بد ان يعزز الصوت الداعي الى المثالثة بديلا من المناصفة .
رابعا:في ظل التناقص العددي التدريجي ولو البطيء للوجود المسيحي في لبنان ، فان الضمانة الحقيقية لوجود مسيحي حر وفاعل يرتكز على دور المسيحيين النوعي والذي يتطلب انخراط المسيحيين في محيطهم وتعزيزهم للمساحات المشتركة بين الطوائف ولخيار الاعتدال . فالمسيحيون كما جاء في السينودس ليسوا مجرد أقلية تتساكن مع الاكثرية المحيطة بل جماعة فاعلة تشارك مشاركة فعالة في تقرير مستقبل مشترك للجميع. ان اعتماد قانون ايلي الفرزلي يستبدل مبدأ الانخراط والتفاعل بمبدأ المساكنة ، وهذا ما سيقوي حكما التطرف على حساب الاعتدال ويشكل خطرا وجوديا على المسيحيين الذين لا يمكن أن يعيشوا أحرارا في هذا الوطن الا ضمن بيئة حاضنة للاعتدال .
خامسا :ان هذا القانون يستهدف احدى نقاط القوّة عند المسيحيين ، والذين ضحّوا لاجلها عبر التاريخ ، وهي الانتشار على كافة الاراضي اللبنانية من أقسى الجنوب الى اقسى الشمال ومن العاصمة الى الحدود الشرقية .فبسحب الحق السيادي لمسيحيّي الاطراف بأنتخاب نوابهم في مناطقهم ، حتى ولو كان هؤلاء النواب من غير مذهب أو من غير المسيحيين تنتفي الحاجة لهم كصوت ناخب وفاعل ، وبالتالي سيتم اهمالهم وعدم تلبية حاجاتهم ،وذلك يمهّد لهجرة داخلية تنعكس على دورهم وتأثيرهم في المعادلة الوطنية . فماذا سيحصل لمصالح الموارنة في الكورة أو الكاثوليك في البقاع الغربي أو المسيحيين في الضنية ؟ ومن سيمنحهم حقوقهم ويلبي حاجاتهم في حال لم يساهموا في اختيار نواب مناطقهم كما هو الحال في قانون ايلي الفرزلي؟ .
وختم معوض:”ان تصحيح التمثيل المسيحي هو مطلب محق نتمسك به ولكن خوفي كل خوفي أن يتحول هذا القانون من مطلب الى كابوس تماما كما حصل مع قانون الدوحة عندما ادّعى البعض ان” يعاد الحق الى أصحابه ” فطريق قانون ايلي الفرزلي ليست الطريق الصحيح لتصحيح التمثيل بل هو الطريق لضرب الدولة والميثاق والاعتدال وبالتالي لضرب المرتكزات الحقيقية للوجود المسيحي الحر في لبنان . ان الخروج من قانون الدوحة ضرورة لتصحيح التمثيل ولكن يجب الخروج نحو الاحسن وليس نحو الاسوأ والاحسن هو الدوائر الصغرى التي تؤمن تمثيلا صحيحا دون ان تشكل أعباء او مخاطر استراتيجية على الكيان والوجود .”