بعد شهر من الانتظار أقرت الحكومة بيان تسوية يشكل تراجعا عن الثوابت التي كانت وضعتها 14 آذار لنفسها، وهي إدراج “إعلان بعبدا” ورفض تشريع أي سلاح خارج عن إطار الشرعية. فإذا بالبيان يُسقط “إعلان بعبدا” ولا يكرّس مرجعية الدولة في مقاومة أي احتلال.
لا بد من تسجيل أن البيان الوزاري بإسقاطه الثلاثية المشؤومة يشكل تقدما على البيانات السابقة سواء لناحية إنهاء خصخصة المقاومة لحساب “حزب الله” وتحويلها حقاً عاماً، أو لناحية حصر مهمة أي مقاومة في رد الاعتداءات واسترجاع الأرض المحتلة، وبالتالي نسف منطق القتال العابر للحدود والقتال الاستباقي وكذلك استخدام السلاح في الداخل.
إلا أن هذا التقدّم لا يغطي عجز هذا البيان الوزاري عن تلبية الثوابت السيادية التي نادينا بها، لأن إسقاط “اعلان بعبدا” واستبداله بعبارة ملتبسة يشكل خطأ ولا يتناسب وفظاعة تدخل “حزب الله” في سوريا، وبالتالي يشكل تراجعا في مسار تحييد لبنان وحمايته من كل أنواع الجهاد. كما أن في البيان مفارقات لافتة في الحياة السياسية اللبنانية لأنه يقرّ بواجبات الدولة في التحرير ويُسقط حقوقها باحتكار السلاح، وفي المقابل يمنح المواطنين حرية حمل السلاح بذريعة “المقاومة” ويُسقط واجباتهم بأن يخضعوا لسلطة الدولة بدستورها وقوانينها ومؤسساتها.
لذلك فإننا نرى أن هذا البيان يشكل استمراراً للازدواجية بين سلاح الدولة وسلاح ما يسمى المقاومة التي لا نزال ندفع ثمنها منذ اتفاق القاهرة وحتى اليوم، وهو ما جرّ الويلات على لبنان.
وبناء على ما تقدّم، فإننا وإذ نؤكد وجود حلفاء وشركاء وأصدقاء في هذه الحكومة نقدّر جهودهم، نعلن معارضتنا بيانها الوزاري.