اعتبر رئيس “حركة الاستقلال” ميشال معوض ان المشاركة في حكومة من دون الاتفاق مسبقًا على البيان الوزاري خطأ سياسي كبير، مؤكداً ان ما لا يمكننا ان نأخذه من “حزب الله” قبل تشكيل الحكومة لن نستطيع أن نأخذه بعد تشكيلها.
معوض وفي مؤتمر صحافي، أشار الى ان المستقلين في 14 آذار لعبوا دورًا مهماً في تقريب المواقف داخل 14 آذار الى القبول بالمشاركة ولكن على قاعدة الاعتماد على أسس واضحة مبنية على إدراج “إعلان بعبدا” في البيان الوزاري وشطب ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة ورفض أي نص يشرّع أي سلاح خارج إطار المؤسسات الشرعية.
معوّض شدد على وجوب سحب الاستحقاق الرئاسي من البازار الحكومي منبها الى أن الدخول في حكومة من دون تفاهمات مسبقة سيطيح بالانتخابات الرئاسية، لأن من يخوض معارك داحس والغبراء من أجل تشكيل حكومة يخطط لأن تكون حكومة لفترة طويلة وإدارة الفراغ الرئاسي.
وفي ما يأتي النص الكامل لكلمة معوّض في مؤتمره الصحافي الذي عقده في مؤسسة رينه معوّض في زغرتا بحضور كوادر من “حركة الاستقلال” وفاعليات وصحافيين:
في ظل التطورات المتسارعة التي تحصل على الساحتين اللبنانية والاقليمية اردت ان اصارح جمهوري وجمهور 14 آذار الذي هو جمهور مسيس وجمهور يحاسب، ومن الواضح ان لديه اسئلة، وخصوصا حول موضوع المشاركة في الحكومة ومواقف قيادات 14 آذار من المشاركة.
ما يحصل هو الآتي: بعد اغتيال محمد شطح قرر “حزب الله” التراجع عن السقوف التي كان وضعها وعن الثلث المعطل وعن صيغة 9+9+6 وعن الثلث المعطل وعن منطق النقطة على السطر. وقرر ان يشارك في الحكومة انطلاقًا من قبوله بصيغ حكومية لا نرى فيها مشكلة لانها تشكل تقدمًا في اتجاه الممارسة الصحيحة للدستور والقوانيين والنظام الديمقراطي.
عملية التنازل والتراجع عن الثلث المعطل وتبني صيغة 3 ثمانات، والقبول بمنطق المداورة الشاملة وتكريس حق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف برفض اي اسم يقترح من الكتل النيابية شكلت الأسس الثلاثة التي دفعت بنا الى قبول النقاش في الموضوع الحكومي.
ان تراجع حزب الله فتح نقاشًا داخل قيادات 14 آذار وجمهورها وعلى مستوى النخب الاقتصادية في البلد. وهذا النقاش يتمحور حول سؤالين اساسيين: هل علينا في المبدأ ان نشارك “حزب الله” في حكومة مشتركة بعد كل التطورات التي حصلت والانقلابات في الداخل والقتال في سوريا؟ والسؤال الثاني اذا اردنا ان نشارك على اي اسس؟ وهنا لا نخفي على احد ان المواقف داخل مكونات 14 آذار تتراوح ما بين الرافض بالمبدأ للمشاركة وما بين المبالغ بالواقعية السياسية ليبرر المشاركة في الحكومة. ونحن المستقلون لعبنا دورا اساسيا ومحوريا للوصول الى تقريب وجهات النظر. اخذنا موقفًا واضحًا انطلاقًا من 3 ثوابت من دون القبول بالتضحية او التنازل او المساومة على اي منها.
الثابتة الاولى هي موقفنا الثابت من “حزب الله”، ليس كحزب سياسي موجود ومنتخب في المجلس النيابي وموجود على الساحة السياسية، وبهذا المعنى من حقه المشاركة في اي حكومة، ولكن “حزب الله” كميليشيا عابرة للحدود، خرجت عن الميثاق وخطفت النظام اللبناني وتحولت قوة احتلال في لبنان وتتدخل في سوريا ولها شبكات في استراليا وكافة انحاء العالم مرورًا بالبلدان العربية، وكمليشيا تنفذ اجندة ايرانية. هذه المليشيا مسؤولة عن اغتيالات وجرائم بدأت تظهر وقائعها في لاهاي. هذا هو “حزب الله” الذي لدينا مشكلة معه، ولسوء الحظ هذه هي الصورة الطاغية على هذا الحزب.
الثابة الثانية هي ضرورة تشكيل شبكة امان دستورية لمحاولة حماية الاعتدال في لبنان ولمنع انزلاق لبنان والساحة اللبنانية نحو الفتنة المذهبية التي تطل برأسها والتي يغذيها “حزب الله” بانقلابه في لبنان وقتاله في سوريا.
شبكة امان دستورية لحماية لقمة عيش المواطن المواطن وحماية المؤسسات اللبنانية التي تعاني في بلد بات على وشك الانهيار الاقتصادي. وأيضا للاستفادة من الحرص الدولي على تحييد لبنان ومساعدة مؤسساته. فنحن بحاجة لشبكة امان دستورية تمكننا من ترجمة مساعدة الجيش اللبناني بثلاثة مليارات، ولذلك نحن بحاجة الى حكومة وأيضا لكي نستقطب المساعدات الدولية للنازحين السوريين، وهو حمل لا يستطيع لبنان وحده القيام به.
وهذه الشبكة الامان تتطلب حكومة وأيضا تتطلب انتخابات رئاسية ونيابية، اي العودة الى المؤسسات الدستورية.
الثابة الثالثة هي الحرص على وحدة 14 آذار. فهذه المواجهة التي نحن بصددها لا تخاض الا على اساس الاعتدال، وهذا يتطلب وحدة قوى 14 آذار ووحدة موقفها. وهذا الموضوع خط أحمر.
انطلاقا من هذه الثوابت الثلاثة اتخذنا موقف كمستقلين على مبدا “نعم ولكن”.
نعم للانفتاح على مبدا مشاركتنا في حكومة مشتركة مع “حزب الله” بعد تراجعه عن شروطه التي كان وضعها على الصيغ الحكومة، ولكن على اسس سياسية واضحة. لا يمكننا المشاركة مع “حزب الله” بناء على معادلات رقمية لان مشكلتنا معه ليست معادلات رقمية، انما المشكلة هي في أنه يجر لبنان الى اتون لا يستطيع احد تحمله.
الاسسس السياسية واضحة وهي: رفض اي تغطية لقتال “حزب الله” في سوريا وبعملياته خارج الحدود اللبنانية وذلك من خلال ادراج “اعلان بعبدا” في البيان الوزاري لتحييد لبنان من النيران السورية ومن ان يكون متواجدا على خط الزلزال.
رفض اي تغطية لاي سلاح خارج الشرعية، وهذا يعني اسقاط معادلة الجيش والشعب والمقاومة او اي صيغة لفظية رديفة. فالهدف واضح وهو رفض اعطاء اي شرعية لاي سلاح غير شرعي.
وهذا الموقف الذي اتخذناه كمستقلين شكل اساسًا لحركة مشاورات ساهمت في تقريب وجهات النظر بين قيادات 14 آذار والقوى السيادية داخل وخارج 14 آذار. لقد ساهمنا في تقريب وجهات النظر، بحيث بات التباين بين وجهة نظر تقول ان يكون التفاهم على هذه الاسس التي عرضناها قبل المشاركة في الحكومة، ووجهة نظر ثانية تقول بترك هذه الاسس السياسية للمناقشة في المرحلة الثانية بعد تشكيل الحكومة، عند كتابة البيان الوزاري. وفي ظل التباين فان المستقلين لم يتخذوا موقفًا مشتركا بعد.
اما موفقي الشخصي فهو ان الدخول في حكومة مع “حزب الله” من دون التوافق مسبقًا على وظيفة الحكومة والاسس السياسية التي ستشكل على اساسها، فان هذه المشاركة تشكل خطأ سياسيا كبيرا. ان موفقي هو مبدئي ومتعلق بقناعاتي السياسية وهو ليس فقط مبدئيًا انما هو موقف واقعي وسياسي. برأيي أن ما لا يمكننا أن نأخذه من “حزب الله” قبل تشكيل الحكومة لن نتمكن من أخذه بعد تشكيل الحكومة في البيان الوزاري. وستكون هناك خسارة سياسية كبيرة اذا لم نتفق على كل شيء قبل تشكيل الحكومة.
وأسأل: لماذا تراجع “حزب الله” عن موقفه المعارض لتشكيل واسقط النقطة على السطر والاصابع المرفوعة على مدى 9 اشهر؟ الجواب أن “حزب الله” قلق من مسار التطورات في المنطقة وفي جنيف 2 والتحول في الموقف الروسي وتطوّر الموقف الايراني الذي عبر عنه وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف والذي اعتبر ان قتال “حزب الله” في سوريا ليس بطلب ايراني. و”حزب الله” قلق أيضا مما يجري في لاهاي ومن انكشاف الحقيقة امام العالم ككل. وامام هذين الانكشافين اصبح الحزب يسعى الى حكومة مشتركة مع 14 آذار لتغطية نفسه بشبكة امان لبنانية تؤمن له الحماية من الانكشافات.
وهنا أقول باسمي وباسم كل 14 آذار إنه اذا كان “حزب الله” جاداً في تحقيق بداية تحول جدي وجذري في مواقفه فنحن جاهزون لمد يد المصالحة، انما المصالحة التي تشكلف مدخلا لطي حقبة الجرائم والاغتيالات السياسية وفتح صفحة جدية في كتاب العدالة والقانون. وهذا الأمر يتطلب تعاون “حزب الله” مع المحكمة الدولية والقضاء اللبناني وتسليم المتهمين في الاغتيالات والجرائم التي وقعت، من اغتيال الرئيس الحريري الى محاولة اغتيال النائب بطرس حرب.
المصالحة لها اسس سياسية وهي ان نتصالح تحت سقف لبنان والدولة اللبنانية، اي الالتزام باعلان بعبدا الذي وافق عليه الحزب سابقًا، والعودة الى الدولة والمؤسسات ما يعني اسقاط ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.
نعم انا مع حكومة مصالحة مع “حزب الله”، وعلى هذه المصالحة ان تترجم على اسس تفاهمات سياسيات ومبدئية واخلاقية واضحة تحت سقف لبنان تاخذ الثقة من المجلس النيابي.
وهذه الحكومة تشكل عندها المدخل الافضل للعودة الى الدولة الى لبنان والى مسار الدستوري، فتحضّر وتسهل الانتخابات الرئاسية في وقتها.
كل ذلك يصحّ اذا كان “حزب الله” جديًا، انما هل أحد من اللبنانيين مقتنع بأن الحزب جدي؟ هلى هناك مؤشر واحد يجعلنا نتامل ان “حزب الله” جدي؟ الجواب هو بكل أسف: كلا!
ما يريده الحزب هو صورة لتغطية كل ما يقوم به. وما يريده هو صورة شراكة فقط، لا شراكة فعلية ولا مصالحة ولا مصارحة. وفي الوقت نفسه يتابع انقلابه وعدم اعترافه بالمحكمة الدولية، ما يعني انه يعرف تمامًا انه لن ينال غطاء في البيان الوزاري. يريد ان يكتفي بالصورة التذكارية للحكومة بعد إعلانها، فيكون “حزب الله” عندها قد حصل على مبتغاه، وعندها نعود الى المشاكل القديمة اي التسلط والتهديد والخلاف على البيان الوزاري، اي ان هذه الحكومة من تتمكن من الاتفاق على بيان لوزاري لتنال على أساسه ثقة مجلس النواب. وبالتالي فإن هذه الحكومة لن تنال الثقة وسننتقل من حكومة تصريف اعمال عاجزة برئاسة ميقاتي الى حكومة تصريف اعمال أخرى عاجزة برئاسة سلام، بفرق أننا نكون اصبحنا نحن شركاء فيها. ماذا نكون قد فعلنا عمليًا؟ نكون اولا قد أمّنا لـ”حزب الله” الصورة التي هو يريدها، وثانيًا نكون قد عرّضنا وحدة موقفنا للاهتزاز، في حين اننا نعتبر ان وحدة 14 آذار خط احمر. وبالتالي نكون قد عرّضنا مصداقيتنا لضربة جديدة، ونكون قد خيبنا امل جمهورنا، وقد نكون قد دعمنا موقف التطرف على موقف الاعتدال. وفي المقابل، وعلى المستوى المؤسساتي ونكون اصبحنا مجرد شركاء في المسؤولية في حكومة تصريف اعمال عاجزة وغير قادرة ان تحسن الوضع الامني لان التفجيرات التي تحصل في معظم المناطق سببها انقلاب الحزب في الداخل وخصوصا أيضا قتاله في سوريا واستجلابه التكفريين الى لبنان، وهو ما لطالما حذرنا منه. هذه الحكومة لن تتمكن أيضا من تحسين الوضع الاقتصادي اذا انتقلنا الى حكومة تصريف اعمال ثانية في ظل هذا الوضع الامني وفي ظل مواقف الدول السياسية وتصرف حزب الله في اوروبا وفي البلاد العربية، فهل سيجلب ذلك سواحًا الى لبنان؟ هلى ستعيد هذه الحكومة تقوية المؤسسات؟
ثمة أيضا منطق يقول: حتى لو شكلنا حكومة جامعة ولم تحصل على ثقة نكون نسهّل الوصول الى الاستحاق الرئاسي. هذا المنطق خاطئ وغير صحيح لان هكذا حكومة سيكون لها تاثير سلبي على الاستحقاق الرئاسي. ستبدأ هذه الحكومة كحكومة ربط نزاع وستتحول الى حكومة صدام يتواجد فيها الجميع.
لا بل الخوف أن تشكل هذه الحكومة في خلفية البعض بديلا عن الاستحقاق الرئاسي، والمعارك على الحصص التي تخاض بين الاطراف السياسيين تدل على ان الهدف من تشكيل هذه الحكومة هو بقاءها لأمد طويل وليس لمدة 4 اشهر. لذلك أعتبر أن هناك كذبا في التعاطي مع موضوع تشكيل هكذا حكومة والتسويق لها.
لن ننسى ولن نقبل ان يتناسى البعض ان الموقع الدستوري الاول في الدولة هو موقع رئاسة الجمهورية ولا يمكن ان نقبل بأي خطوة ترفع حظوظ الفراغ في هذا الموقع. وانا مقتنع ان هذه الحكومة التي هدفها الاساسي الصورة لتغطية اعمال “حزب الله” في الداخل والخارج لها هدف أساسي في نظر البعض، وهو ان تضرب قوة الدفع فيما يخص بالاستحقاق الرئاسي وتفتح الباب للتضحية بالانتخابات الرئاسية تماماً كما تحوّل الاختلاف على قانون الانتخابات النيابية الى مثابة “قشرة موز” لنا لتأجيل الانتخابات النيابية ووقعنا في لعبة التمديد.
من هذا المنطلق، سنستكمل أنا ورفاقي النواب والشخصيات المستقلة مشارواتنا لمحاولة الوصول الى موقف سياسي موحد حول تشكيل الجكومة، وأطالب كل قوى 14 آذار، وخصوصًا على ضوء المستجدات والعراقيل التي بدأنا نراها في الأيام الاخيرة، أن نعود لنناقش في العمق خياراتنا وان نوحد موقفنا حول خيار من اثنين: اما حكومة جامعة ولكن مع تفاهمات مسبقة على اسس سياسية واضحة هي اعلان بعبدا واسقاط الثلاثية وما يشبه الثلاثية. عندها نكون شاركنا “حزب الله” ولكننا نكون انتزعنا أسساً سياسية للعودة الى لبنان ببيان وزاري مسبق. والعودة الى الدستور. ولمن يقول ان البيان الوزاري من صلاحية مجلس الوزراء، هذا صحيح، انما نحن نطرح التفاهم ليس على البيان الوزراي وإنما على أسس سياسية لمشاركتنا في الحكومة.
والا فانا اقترح ان نلاقي الرئيس بري بطرحه انتخابات رئاسية مبكرة وهكذا نكون قد عدنا الى تكوين السلطة من رأسها، وسحبنا الاستحقاق الرئاسي من البازار الحكومي الذي هو عملية غش منظمة. واكيد في المرحلة الانتقالة نطالب الرئيسين سليمان وسلام ان يشكلا حكومة حيادية تمرر المرحلة الانتقالية نحو العهد الجديد. ولكن في كل الحلات لا يجوز ان نقبل بالمشاركة في حكومة جامعة من ضمانات مسبقة.
Leave a Reply