معوّض: مواجهة التطرّف لا تكون إلا بالشراكة مع الاعتدال الإسلامي
وخارج الشرعية لا نريد حماية ونعرف كيف نحافظ على وجودنا
ألقى رئيس “حركة الاستقلال” ميشال معوّض خطاباً في العشاء السنوي الـ14 لجمعية المساعدات الاجتماعية في مجمّع إهدن كاونتري كلوب، وهذا نصّه الكامل:
رحمك الله يا رفيقنا طوني يونس.
قد يكون البعض بينكم لا يعرفونه،
دعوني أخبركم عنه قليلا:
رفيقنا طوني يونس مثال للشاب الحرّ، المناضل السياسي الذي كوّن قناعاته بذاته. وجوده في حركة الاستقلال لم يكن أبداً مصادفة، بل على العكس كان ناتجا عن خيار وقرار شخصي.
لقد تعرفت على طوني يونس سنة الـ2004. لم تكن بيننا علاقات عائلية تقليدية أو تاريخية، ولم يأتِ اليّ طالبا خدمة، بل على العكس كان يتدرج في مكتب محاماة لا يشاركنا الخيار السياسي نفسه. كسر طوني كل هذه الحواجز ونقل اليّ رغبته بوضع يده بيدي لندافع سوية عن لبنان الذي يشبهنا.
هكذا بدأت قصة طوني يونس مع “حركة الاستقلال”، قصة نضال ودينامية استثنائية وتواضع مميز.
طوني يونس سنشتاق اليك كما نحن نشتاق الى الريّس أندره زاده الذي خسرناه قبلك وذهب باكرا مثلما أنت ذهبت باكرا، والذي لن ننسى أفضاله لا على “حركة الاستقلال” ولا في تثبيت الخيار السيادي في تولا وفي كثير من قرى وبلدات زغرتا الزاوية.
لقد خسرت “حركة الاستقلال” وخسرت شخصيا صقرين من تولا. ان خسارتنا قاسية لكن قدرنا أن نتابع المسيرة مع عائلتيكما الصغيرتين وعائلتكما الكبيرة في “حركة الاستقلال”.
مساء الخير جميعاً،
أشكر حضوركم فردا فردا، شخصيات وفعاليات وحلفاء ورفيقات ورفاق وأصدقاء.
منذ سنة وقفت هنا أمامكم ووعدتكم أننا سننتقل من مرحلة استيعاب النكسات الى مرحلة اعادة الهيكلة والبناء.
السنة الماضية، وفي مثل هذا الوقت، أطلقت أمامكم وعودا محددة.
لقد وعدتكم بانطلاقة متجددة لمؤسسة رينه معوض، واليوم أستطيع ان أقول إن مؤسسة رينه معوض لم تعد تقوم فقط بمشاريع انمائية نوعية بالتعاون مع البلديات في قرى وبلدات زغرتا الزاوية كالبحيرة ومزرعة التفاح وتولا وأسلوت ومرياطة ومجدليا وعشاش وعلما وأرده وسبعل، والحبل على الجرّار… انما أصبحت تقوم مع شركائها بمشاريع على مساحة لبنان من الشمال وجبيل وكسروان الى الشوف وعاليه والجنوب مثل مشروع “بلدي”.
فضلاً عن أن الاستراتيجية الصناعية والزراعية التي وضعناها وحدثتكم عنها السنة الماضية بدأت تعطي نتائجها وحقق انتاجنا من الصناعات الزراعية في سنة واحدة قفزة نوعية بنسبة 75 في المئة، والأرقام تتزايد يوما بعد يوم. وهذا يسمح للمؤسسة بأن تلعب أكثر فأكثر دورا محوريا في دعم المزارعين للحفاظ على الارض. وسنلمس شهراً بعد شهر وسنة بعد سنة النتائج العملية لهذا الجهد الذي يبذل.
الشباب أيضا كانت لهم حصة هذه السنة في مشاريع المؤسسة من خلال نجاحات حاضنة الاعمال BIAT في تأمين الدراسات والقروض المدعومة للمشاريع الناشئة. وأيضاً من خلال مؤسسة FORAS التي تتابع تأمين التدريب وفرص العمل، من دون أن ننسى افتتاح ملعب الميني فوتبول حيث نظّمنا أول دورة في أيار الماضي سنفتتحه رسميا أوائل الموسم المقبل.
وأقمنا القرية الميلادية للصغار في ساحات زغرتا حتى نذهب نحن الى الناس ولا ننتظر أن يأتوا هم الينا.
وأيضاً ينظم نادي الطلاب الرالي بايبر الأسبوع المقبل في 6و7 أيلول وسيتوج باحتفال ضخم في الهواء الطلق ليلة الاحد في 7 أيلول. وهنا أريد أن أشكر الفنان جو أشقر والفنانة ميرفا القضي وادارةSKYBAR لمساهمتهم في احياء الحفل.
لقد وعدتكم أيضا بنقلة نوعية على المستوى التربوي بانطلاقة قوية لمعهد رينه معوض المهني، واليوم بعد انتاء السنة الأولى أعتز بأن أخبركم ان المعهد أصبح يضم 236 طالباً مع كادر تعليمي من 132 استاذاً. كما احتفلنا بتخريج أول دفعة من 71 طالبا.
كنت أود أن أخبركم عن نسبة النجاح في الامتحانات الرسمية لطلابنا انما لسوء الحظ فإن النظام التربوي في لبنان تعرّض لنكسة هذا العام ولم يتم تصحيح الامتحانات الرسمية وجميع الطلاب حصلوا على افادات.
لقد وعدتكم باعادة هيكلة وانطلاقة جمعية المساعدات الاجتماعية. وأنا فخور جداً اليوم بالمشروع الجديد الذي أطلقناه وكنت أخبرتكم عنه السنة الماضية. لقد بدأنا مسيرة ترميم بيوت بالتعاون مع مؤسسةHabitat for Humanity ورمّمنا الى الآن 16 بيتا في عشاش وأرده وكفرزينا وسبعل وزغرتا. وهذه الخطوة الاولى لمشروع اجتماعي سيساهم بنيوياً في تحسين ظروف حياة شريحة كبيرة من أهلنا في زغرتا الزاوية الذين هم بأمسّ الحاجة.
أكتفي اليوم بهذا القدر وسأترك الى زوجتي مارييل التي ترعى هذه المبادرة أن تعلن عن المشروع الأوسع في التوقيت المناسب.
لقد وعدتكم بتطور نوعي في بنيتنا الاعلامية. وأتصور أنه ما من داع لأتكلم عمّا أنجزناه.
تنظيم نوعي في المكتب الاعلامي وهذا الامر سيستكمل.
موقع Michelmoawad.com أُنجز باللغتين العربية والانكليزية ليتمكن المغتربون اللبنانيون من متابعة أخبارنا.
أنجزنا عملاً منهجياً على مواقع التواصل الاجتماعي فحققنا نتائج فاقت توقعاتنا: اكثر من 70000 like على موقع فايسبوك بـ6 اشهر.
واخيراً وليس آخراً حركة الاستقلال بالشراكة مع شبكة من قوى سياسية حليفة، واكثر من حليفة، اطلقت موقعاً اخبارياً واقتصادياً جديداً هو imlebanon.org الذي خرق الساحة الاعلامية بسرعة قياسية، وباتت مؤسسات اعلامية عريقة تنقل عنه الأخبار حتى قبل اطلاقه الرسمي الذي نتوقعه في تشرين.
وكل الجهد يُبذل كي يكون هذا الموقع خلال الـ2015 بين أول 3 مواقع اخبارية في لبنان.
ويبقى موضوعان أساسيان لم ننجزهما بشكل كامل، مع أننا حققنا تقدماً فيهما، وسأعطيهما الاولوية في الاشهر المقبلة:
الموضوع الاول يتعلق بالهيكلية التنظيمية لـ”حركة الاستقلال” التي نعمل كي تتكوّن في المرحلة الاولى على مستوى الشمال. لقد تأخرنا في إنجاز هذا الموضوع لان الورشة كبيرة ونحن نتعاطى معها بكل جدية. وآمل في أن نتمكن في الاشهر المقبلة من أن نعلن عن أولى المقررات التنظيمية.
والموضوع الثاني هو الموضوع الانمائي البلدي. صحيح أن الفريق الآخر فشل فشلاً ذريعاً على الصعيد الانمائي بشهادة مؤيديه قبل معارضيه، وهذا الفشل تمت ترجمته بالتخبط الذي نراه من سقوط رئيس الاتحاد الى روائح الفساد الكريهة التي بدأت تفوح، الى التخمة في التوظيفات السياسية والمحسوبيات والصرف لأهداف انتخابية غير انمائية.
وصحيح أننا نجحنا وننجح في تحقيق بعض المشاريع الانمائية الاساسية عبر مؤسساتنا من دون أن نملك الادوات البلدية الكافية، انما الصحيح أيضا أن المنتظر منا كمعارضة كان اكثر بكثير.
علينا الاعتراف أنه الى الآن نحن لا نزال معارضة غير منظمة ومقصرّة.
ولأكون واضحا: على المستوى الانمائي البلدي لن نقبل في أن يبقى الوضع كما هو بعد اليوم. لن نقبل بفساد من دون محاسبة. لن نقبل بصرف من دون قرارات ومن دون رقابة. لن نسكت عن توظيفات سياسية وتمويل ماكينات انتخابية على حساب انماء منطقتنا.
لقد حضّرنا العدّة والفريق لنتحول الى معارضة منظمة، فاعلة، وصوتها واصل قانونياً وادارياً واعلامياً. سنكون معارضة قوية وبناءة.
وهنا أسمحوا لي أن أتوجه الى رئيس بلدية زغرتا شهوان معوض الموجود بيننا: ريس، نحن نقدر القرارات الاصلاحية الجريئة التي بدأت تأخذها، بعد المسار الاعتراضي الذي كان بدأ فيه الريّس توفيق، رحمه الله، في مواجهة الوضع المهترئ القائم. ونحن نتابع أيضا بدقة محاولات الممانعة لهذا المسار الاصلاحي.
تابع على هذا النحو، ونحن الى جانبك وسندعمك في كل خطوة اصلاحية تقوم فيها. هذا ما يريده أهل زغرتا، وأدعو كل الفرقاء السياسيين الى أن يعوا ضرورة الإصلاح ويدعموه، لنقف جميعاً في وجه أي معترض لأي فريق سياسي انتمى. لا يمكننا الاستمرار هكذا. زغرتا مدينتنا جميعا وإهدن مصيفنا جميعا ومصلحة اهدن وزغرتا يجب أن تكون فوق كل اعتبار.
أيها الشباب،
هناك الكثير من الكلام والهمسات والوشوشات عن لقاءات وتفاهمات حصلت بينا وبين تيار المردة.
يهمني ان اقول لكم بكل صراحة كما عودتكم: لا أساس لكل ما قيل ويقال.
انما وفي الوقت نفسه يهمني أن أؤكد أنني مقتنع أنه، وفي ظل التطورات والتحديات والمخاطر التي نمّر فيها، لا يمكننا وطنياً ولا مسيحياً ولا زغرتاوياً أن نعيش قطيعة، ولو كنّا مختلفين جوهريا في السياسةً.
من هذا المنطلق وعلى هذه الأسس جرى تواصل بيننا وبين “التيار الوطني الحر” والتقيت العماد ميشال عون قبل أشهر. وفي موضوع العلاقة مع تيار المردة دعوني أقول الاشياء كما هي: نعم نحن على خلاف سياسي واضح، إنما وفي الوقت نفسه أنا مقتنع بأنه في هذا الظرف السياسي والامني بالتحديد هناك أمور جوهرية تتعلق بمصلحة زغرتا الزاوية ومستقبلها وأمن أهلها علينا السعي للاتفاق عليها.
على هذه الأسس أنا منفتح على أي تواصل أو حوار مع تيار المردة، وهذا طبعاً لا يعني أي تغيير في الموقع السياسي لكل طرف. انا راسخ في الخيار السيادي الاستقلالي الميثاقي وأتصور أن سليمان فرنجيه واضح في خياراته.
وفي الوقت نفسه أنا مقتنع بأن مواجهة أي مخاطر قد تتعرض لها زغرتا الزاوية لا تتم بمنطق التقوقع. بل على العكس فإن مواجهة المخاطر لا تتم الّا بالشراكة مع محيطنا ومع الاعتدال في محيطنا، وأول هذا المحيط هو طرابلس. دعوني أذكّر بشعار رفعته في انتخابات 2009 حين قلت: “حين يكون الاعتدال في طرابلس بخير تكون زغرتا الزاوية بخير”.
اليوم ، وبعد 5 سنوات، أعتقد أن الجميع أصبح مقتنعاً بهذا الشعار ولو ضمنياً.
رفيقاتي، رفاقي ، اصدقائي،
نواجه اليوم جميعنا تنامي خطر الارهاب التكفيري الذي يضرب المنطقة بدأ يهدد لبنان، سواء بالتفجيرات والعمليات الانتحارية التي عشناها في الداخل وسواء بالمواجهات التي نعيشها في عرسال والتي تستمر تداعياتها مع خطف العسكريين من الجيش وقوى أمن داخلي، والتهديدات بذبحهم والتي بدأت تنفّذ. رحم الله شهداء الجيش اللبناني. ونحن متضامنون كل التضامن مع عائلات المخطوفين ومع القيادات الامنية والسياسية لاسترجاعهم.
هذا الارهاب لا دين وهو يحاول اعادة المنطقة الى العصر الحجري. ان السؤال الكبير الذي نطرحه على انفسنا اليوم: كيف يمكن أن نواجه “داعش” وأمثال “داعش”؟
ان اعتبار البعض انه بامكاننا أن نواجه التطرف بتطرف مضاد، وأن سلاح “حزب الله” يمكن أن يكون الحل في وجه سلاح “داعش” فهذه أكبر خرافة.
أوّلاً لأن التطرف يغذّي التطرف المضاد. فلم تكن داعش لتوجد من دون وجود أرض خصبة، ومن دون ارهاب بشار الاسد بحق شعبه، ومن دون ممارسات ايران المذهبية المتطرفة في العراق وسوريا ولبنان. ان ازاحة نوري المالكي في العراق شكلت اعترافاً عملياً من طهران بأن الاستمرار في القهر المذهبي يغذي “داعش” اكثر فأكثر. وآمل في أن يتم تعميم مؤشرات الاعتراف الايراني في العراق على سوريا لنشهد ازاحة بشار الاسد كمقدمة لقطع رأس “داعش” وعودة الاستقرار، ولتتعمّم أيضا على سياسات “حزب الله” ونشهد عودته الى كنف الدولة اللبنانية.
وثانيا لأن الادعاء بأن سلاح “حزب الله” يحمينا في وجه “داعش” سقط على أرض الواقع.
فمن جهة، وعلى رغم الشعارات الرّنانة المرفوعة تبين أنه ما من انتصارات تتحقق في سوريا، لا في القلمون ولا في غير القلمون . كما تبين أن الحسم العسكري وهمٌ مستحيل، وتدخل “حزب الله” في سوريا تحوّل حرب استنزاف بلا أفق تورّط لبنان ويذهب ضحيتها شباب لبنانيون.
ومن جهة ثانية فإن الوقائع أسقطت شعار “نحن نقاتل داعش في سوريا لمنعها من المجيء الى لبنان” لانها أتت الى لبنان. وحين أتت “داعش” الى لبنان اختبأ “حزب الله” وراء الجيش اللبناني كما حصل في الضاحية حين فشل في تجربة الامن الذاتي بعد التفجيرات، كما اختبأ وراء الجيش في عرسال في المواجهات الاخيرة، وكلام قائد الجيش حول تفاصيل ما جرى كان أكثر من واضح.
لقد تبين عمليا ان الذي يحمي لبنان هو الجيش والقوى الامنية الشرعية. وخارج الشرعية لسنا بحاجة الى أحد يحمينا. نحن في زغرتا نعرف، وعلمنا الناس، كيف نحمي حريتنا وأرضنا ووجودنا.
رفيقاتي، رفاقي، أصدقائي،
لقد سبق ورفعت أكثر من مرة شعار “ليس هناك من تطرف بسمنة وتطرف بزيت”.
ليس هناك من ارهابيين زعران وارهابيين أوادم.
وضعنا أمام خيارين: اما ديكتاتورية وحشية أو تطرف تكفيري،
أو إما دولة الخلافة أو دولة الولاية، لا يمكن أن يحمي أحداً ولا يؤمن الاستقرار في لبنان والمنطقة.
على العكس تماماً، هذه المعادلة المذهبية سوف يدخل المنطقة كلها في حرب مئة سنة جديدة تحرق الأخضر واليابس، ولقد بدأنا نرى تباشيرها.
وهنا اسمحوا لي أن أتوجه الى المسيحيين مباشرة:
ان الخيار بين تطرفين لا يحمينا ولا يحمي حريتنا ولا يحمي نمط حياتنا. لا يحمينا الا ثنائية الدولة والاعتدال. لا يحمينا الا نسج مشروع شراكة مع الاعتدال الاسلامي لمواجهة التطرف، مشروع شراكة مع الاعتدال السني في وجه التطرف السني مع الاعتدال الشيعي في وجه التطرف الشيعي. فمن يريد مواجهة “داعش” لا يغتال محمد شطح ولا ينفي سعد الحريري.
لذلك أكرّر: لا يحمينا الا الشراكة مع الاعتدال. لا يحمينا الا الدولة بمؤسساتها وجيشها وعلى رأسهم رئيس للجمهورية.
هذا هو التحدي الأكبراليوم: انتخاب رئيس للجمهورية لوقف انهيار الدولة واعادة تكوين السلطة والمؤسسات الدستورية من رأسها. هكذا نواجه بالفعل “داعش” وكل التطرف. وكل الباقي، تمديد أو لا تمديد للمجلس النيابي وطرح تعديلات دستورية لانتخابات رئاسة الجمهورية، كلها حفلة مزايدات، لا أريد التطرّق إليها، لأنها ليست أكثر من فقاعات صابون لالهاء الرأي العام عن الأساس الذي يبقى انتخاب رئيس جديد.
أعود وأؤكد أنه لن يحمينا في وجه التطرف، أي تطرّف، الاّ ثنائية الدولة والاعتدال.
لا تخافوا مهما كانت المصاعب كبيرة، سنبقى في أرضنا وسنبقى نحن والاعتدال أكثرية.