رأى رئيس “حركة الإستقلال” ميشال معّوض أنَّ “عدم تأمين نصاب جلسة إنتخاب رئيس الجمهورية ليس أمراً ديمقراطياً، وأيّ طرف أو فريق يلعبُ لعبةَ تعطيل النصاب إنَّما يقومُ بضربِ الموقع الأوَّل في الدولة اللبنانيَّة عن سابق الإصرار والتصميم”، مشيراً إلى أنَّ “تعامل فريق 8 آذار مع الإستحقاق هو إستكمالٌ لنهجِ التعطيل الذي سبق ومارسَه في أكثر من مرَّةٍ وأكثر من إستحقاق”.
معوّض، وفي حديث لموقع “أبجد نيوز”، أشار إلى أنه “لا يوافق على سكوت “14 آذار” على أمرٍ واقعٍ خُلق خلال الجلسات بأنَّ نصاب الثلثين هو النصاب القانوني، فعمليَّاً لا توجد أي مادَّة في الدستور تتحدَّث عن نصاب ثلثين في جلسات إنتخاب رئيس الجمهورية”، وأضاف: “هذه برأيي بدعةٌ سكتَت عنها “14 آذار”، وسكوتُنا على موضوع نصاب الثلثين سيؤدّي إلى أن يصبحَ أي فريق قادراً على تعطيل النصاب، ونحن بذلك نكرّسُ سابقةً ليس فقط في هذا الإنتخاب بل في الإنتخابات المقبلة أيضاً”، مستطرداً: ”هذا الأمر سيؤدّي إلى رئيسٍ لا لونَ له، فهو إمَّا أنَّه لم يتَّخذ أي موقفٍ طوال حياتِه السياسيَّةِ أو كانت مواقفُه متقلّبةً”.
ولفت إلى أنَّه” من المعيب إعتبار جلسة إنتخاب رئيس للجمهوريَّة فرصةً لإستحضارٍ إستنسابيٍّ للماضي ولتزوير وقائع الحرب. فبالإضافةِ إلى التزويرِ في الكثير من الوقائع في المحاكمات أيَّام الوصاية السوريَّة، ثمّةَ إستنسابية أسقطت الأسئلةَ عن من إغتالَ القيادات اللبنانيَّةِ من كمال جنبلاط إلى بشير جميل ورينه معوّض وكلّ شهداء ثورة الأرز وصولاً إلى الشهيد محمد شطح الذي سقطَ في الأشهر القليلة الماضية”، معتبراً أنَّ “من يحمي متَّهمين بإغتيالِ الرئيس رفيق الحريري لا يمكنه أن يعطي دروساً في الأخلاقِ والوطنيَّة”.
وأشارَ معوض إلى أنَّ “تبنّي 14 آذار لمرشَّحٍ واحدٍ واضحٍ ببرنامجٍ معلنٍ يساهمُ في لبننةِ الإستحقاقِ، ولكن هذا لا يكفي، إذ إنَّ على 14 آذار أن تخوضَ معركةَ إسقاط بدعة نصاب الثلثين”.
وحول ما إذا كان رئيس “تكتُّل التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون مرشَّحاً توافقيَّاً بالفعل قال: “على أيّ مرشح ليكون توافقيَّاً أن يحملَ بصراحةٍ ووضوحٍ مشروعَ الدولةِ لأنَّها تشكلُ المساحَة المشتركةَ بين اللبنانيين على إختلاف إنتماءاتهم وقناعاتهم ومعتقداتهم، وخارج الدولة اللبنانيَّة لا يوجد أيّ مساحةٍ مشتركةٍ وكلّما ضعُفت الدولةُ كلّما قلّت المساحةُ المشتركةُ بين اللبنانيين وضعُفت”، وأضاف: ”من هنا، على أيّ مرشَّحٍ يطرحُ نفسَه توافقيّاً أن يدعمَ هذه المساحة المشتركة أي الدولة اللبنانيَّة، ودعمُ الدولة يكون بالطبع بدعمِ سيادة الدولة في وجه أيّ سلاحٍ خارجٍ عن الشرعيّةَ على الأراضي اللبنانيَّة، كما أنَّ التوافقي يجب أن يسعى إلى تحييد لبنان عن نزاعات المنطقة و تبنّي إعلان بعبدا بالكامل، وعليه أن يحمي النظامَ الديمقراطي التعدُّدي في وجه كل محاولات الهيمنة وفرض المعادلات بقوَّة السلاح”.
وتابع: ”لم نقطع الطريق على أحد، لكن نقول إذا قرَّرَ العماد عون أو غيره الترشُّح بصورة وفاقيّة عليه القول وبوضوح إنَّه يدعم الدولة اللبنانيَّة السيّدة الحرّة المستقلّة بكل ما للكملة من معنى دون أيّ شريك لها، وبالتالي عليه أن يعلنَ برنامجَه أولاً لنحكم”.
وأوضح معوّض أنّ “المشكلةُ ليست في الأسماء المطروحة على قاعدة أنَّها توافقية، بل في قاعدة التوافق، وخوفي هنا من أن يتحوَّل التوافقي إلى إسمٍ لا لون ولا رائحة ولا طعم له”. وسألَ: ”ما هو المشروع التوافقي في لبنان؟ هل هناك إمكانيَّة للتوفيق بين مشروع قيام الدولة اللبنانيَّةِ ومشروع “حزب الله”؟ وقال: “إنّ تجربة غبطة البطريرك الماروني الذي حاولَ أن يخوضَ حواراً مع “حزب الله” لم يصل إلى أيّ نتيجةٍ، لا بل إنتهى بوثيقةِ بكركي التي يرفضها “حزب الله”، والحكومة السابقة والتي كانت حكومةَ “حزب الله”، فحتَّى الرئيس نجيب ميقاتي لم يتحمّل هذا الواقع ووجدَ نفسَه مدفوعاً إلى الإستقالة. إنّ تجربة الرئيس ميشال سليمان الذي أتى كرئيسٍ توافقيٍ بين 8 و14 آذار، فإعتبره فريق 8 آذار في ما بعد طرفاً بمجرّد دفاعِه عن الدولة اللبنانيَّة وإصرارِه على السيادةِ وعلى الحيادِ و”إعلان بعبدا” الذي كان “حزب الله” قد وافقَ عليه”.
وأشار إلى أنَّ ”المطلوبَ هو الفصلُ بين واجب أن يكون الرئيسُ قادراً على التواصل بين 8 و14 آذار بمعنى أن يكون قادراً على تفعيل الحوار بين الفريقين، وبين قدرتِه على حمايةِ الدولةِ من خلال فرض تطبيق إعلان بعبدا ومنع أي شراكة معها”.
وعن رأيه بترشُّح رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع إلى رئاسة الجمهوريَّة، قال معوّض: “إنَّ الدكتور جعجع حاولَ أن يحوّل المعركة الرئاسية من معركة أسماءٍ من دون أسسٍ إلى معركةٍ حول العناوين السياسيَّة، وبالطبع هذا الترشح ليس لشخص بل لمشروع “14 آذار”، وهو خلق ديناميّةً على الاقلّ حول إعادة الإعتبار للمشروع السياسي على صعيد الإستحقاق الرئاسي”.
ورأى أنَّ “الإستحقاق الرئاسي سيؤكّد لجميع اللبنانيين عمليّاً أنّنا نخوض سباقاً بين الحفاظ على لبنان الكيان وسقوط لبنان كساحة صراع إقليميّةٍ، بين مشروعِ عودة جميع اللبنانيين إلى كنفِ لبنان وبين إعتبار لبنان منطلقاً لأعمال حربيّةٍ ومسلّحةٍ خارج الحدود اللبنانيّة في سوريا وغير سوريا، إذ نشاهدُ اليوم شبكات لـ”حزب الله” في أميركا الجنوبيَّةِ وفي آسيا الشرقيَّة وإفريقيا وأستراليا”، وقال: ”نحن نخوض سباقاً بين الإستقرار والفوضى، بين الإعتدال وبناء مساحةٍ مشتركةٍ بين اللبنانيين وبين أن يتحوَّلَ لبنان إلى ساحةٍ للصراعِ بين متطرّفين، نحن نخوض سباقاً بين قيام منطق الدولة والتعدديَّة وبين خضوع لبنان للسلاح،وهذه المعركة يمكن أن لا تنتهي بالضربة القاضية لكن علينا أن نكون صارمين في كلّ إستحقاقٍ وأن لا ننسى أنَّ هذه هي العناوين الأساسيَّة”.
وعن علاقته مع الفرقاء داخل “14 آذار قال: “إنها جيّدة، لكن ثمّة ملاحظاتٍ عدّةٍ على كيفيَّة إدارة “14 آذار” وآليّة القرار فيها وأنا عبّرت عن إعتراضي أكثر من مرَّة. ومن هذا المنطلق عندما أجدُ أنَّ هذه الإدارة غير صحيَّة أعبّرُ عن موقفي”، مشدّداً على “ضرورة بناء “14 آذار” على أسسِ الشراكة بين كلّ مكوّناتها وليس على أسسِ إستئثار بعض الكتل بالقرار، وهذا ما إرتدّ على علاقة “14 آذار” بجمهورها. فالإحتكار من بعض القوى السياسيَّة والأحزاب خطأٌ جسيمٌ”.
عن علاقته بالعماد عون خاصًّةً بعدَ التحليلات عن تموضعٍ جديدٍ في السياسة، قال: ”بعد لقائي بالعماد عون قرأت بإبتسامةٍ بعض التحليلات في عدد من وسائل الإعلام، لكنَّ الحقيقة أن ميشال معوّض و”حركة الإستقلال” في قلب 14 آذار ومعركتها السياديّة والوطنيّة. وإنطلاقاُ من موقعي السيادي، أنا مع الإنفتاح على الأفرقاء وبالأخص على الساحة المسيحية وأعتبرُ أنَّ “حزب الله” ومشروعًه هو المستفيد الوحيد من هذا الإنقسام الحاصل”.
وشرح معوّض ظروف الزيارة، موضحاً: “لقد بادر العماد عون إلى إرسالِ موفدٍ إلى إحتفالِ ذكرى إغتيال الرئيس رينيه معّوض لأوَّلِ مرّةٍ منذ 23 سنة، وأنا وجّهتُ له نداءً وقلتُ إنّ أوجهَ التلاقي بين العماد عون ووالدي كانت أكبر من الخلافات، وبأنَّه إذا إنتصر مشروعُ “حزب الله” في لبنان لن يؤدّي إلى إنتصارِ “التيار الوطني الحر” بالتأكيد. وعلى هذه القاعدة إنطلقَ تواصلٌ في إطار الإنفتاحِ المتبادل”.
وفي موضوع إنتخابات نقابة المهندسين في الشمال، أكَّد معوض أنَّ” لا أزمة في العلاقة مع “القوات” على الإطلاق وقد ظهرَ هذا الأمر في الزيارةِ التي قام بها النائب فادي كرم يرافقُه نقيب المهندسين في الشمال إلى منزلي. ولا أخفي حصول أخطاء في مقاربة المعركة النقابيّة، لكنني لا أريدُ الدخولَ مجدَّداً في هذا الأمر لأنّني أعتبرُ أنَّ ما حصلَ أصبحَ وراءنا، وفي المحصّلة عندما تكون المعركة النقابيّة بين “8 و14″ فأنا بالطبع سأكون إلى جانب “14 آذار” لكنّ هذه المعركة لم تكن معركةً سياسيّةً لأنَّ المرشّحين الثلاثة الذين كانوا مطروحين إلى مركزِ النقيب كانوا مع الخيار السيادي. بالأمس حصلت إنتخاباتٌ نقابيةٌ في “كازينو لبنان” وهي كانت معركةً نقابيةً بإمتياز حيث فزنا فيها كـ”حركة إستقلال” بالتحالف مع “الكتائب” و”المردة” وتحالف الشخصيَّات الكسروانيَّة في مقابل لائحٍة ضمَّت تحالفَ “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”. لذلك عندما تكون المعركة نقابية من دون أسسٍ سياسيّةٍ لا يجوز إعطاءَها بعداً سياسيّاً”.
وتطرَّق معوض إلى وضع “حركة الإستقلال” داخل زغرتا، معتبراً أنَّه” لا يمكننا تحديد الوضع الشعبي في زغرتا بشكل دقيق إلّا في إنتخابات جديدة، ولكن أريدُ ان ألفت النظر لأمرَين، الأوَّل: خاضَ “تيار المردة” معركتَه في الـ2009 بعنوانَين أساسيين، عودة زغرتا إلى الصف الأوّل وإعطاء إحتكار التمثيل بالإنتخابات النيابيَّة و البلديّة لتيار المردة وحلفائه على قاعدة أنذَ هذا التيار سيحسّن وضعَ زغرتا في حال فازَ بكتلة نيابيّةٍ كبيرةٍ ما يعطي قوّةً لسليمان فرنجية. لكن وبعد أربع سنوات، هل فعلاً عادت زغرتا إلى الصفّ الأوّل؟ يظهرُ بكل وضوح أنَّه بعد ضعف النظام السوري ضعفَ أيضاً سليمان فرنجية ،والبرهان على ذلك أين كان دوره في تشكيل الحكومة الأخيرة مثلاً؟ أمّا على المستوى الإنمائي، فإحتكار “تيار المردة” للتمثيل على الصعيد الوزاري والنيابي والبلدي أدَّى إلى فشلٍ ذريعٍ حتّى بإعتراف أنصار النائب سليمان فرنجية ما إنعكسَ تراجعاً دراماتيكياً في حضور زغرتا- الزاوية”.
ونبّه معوض “قوى ”14 آذار” في زغرتا- الزاوية من أنَّها لا يجب أن تعتمدَ فقط على أخطاء خصومِها، بل أن تعيدَ ثقةَ جمهورِها حول مشروع التغيير الذي تخوضه ليس على المستوى الوطني فقط بل أيضاً على المستوى المحلّي”، لافتاً إلى أنّ “قوى “14 آذار” أخطأت بحقّ جمهورِها في الإنتخابات النيابيَّة وفي إتفاق “السين- سين” في قضاء زغرتا، وكان لتيار المستقبل الجرأةَ لإرسال وفد إلى اهدن للإعتذارِ عن هذه الأخطاء، لذلك لا يجوز إسقاط المعركة السياسية في قضاء زغرتا في لعبة المحاصصات الضيّقة كما حصلَ في بعض الإستحقاقات المحليّة”.
وحول وجود إختلاف بين “حركة الإستقلال” و”القوات اللبنانيّة” في قلب القضاء، قال: ”أنا لا أتصرّف في قضاء زغرتا من منطلقٍ حزبي بل من منطلق إنتمائي لـ”14 آذار”، فأنا مَعنيٌّ بحركة الإستقلال بقدر ما أنا مَعني بـ”14 آذار” واليوم الذي تتحوَّل فيه زغرتا فقط إلى مجموعةٍ من الأحزابِ والتكتّلات نكون في صدد تقديم الفوز على طبقٍ من فضّة للمشروع الآخر، وموقفي ليس من موقعي كرئيس حركة الإستقلال بل من موقعي في “14 آذار”.
وشدّد معوض على “ضرورة أن يكون الإغتراب اللبناني شريكاً أساسيّاً في تطوير لبنان وليس فقط على صعيد الإنتخابات النيابيّة، وإنطلاقاً من هنا ومن التطوّر التكنولوجي الذي جعلَ العالمَ قريًة واحدةً أعتقدُ أنّه من أولوياتنا توطيد علاقتنا مع الكنز الإغترابي. لذلك أعملُ على تطويرِ هذه العلاقة مع الخارج، من أستراليا إلى أميركا الجنوبيّة والشماليّة وأتحرّكُ شخصيّاً ضمن المؤسّسة المارونية للإنتشار والتي أنا عضو في هيئتها الإداريَّةِ من خلال العمل على تسجيل اللبنانيين وبالأخص المسيحيين للبقاء على صلة قويّةٍ وعضويّةٍ بالوطن الأم. أنا على قناعٍة تامّةٍ بأنّ لبنان لا يمكنه أن يقومَ من دون أن يكون هناك علاقة قويّة مع الإنتشارِ اللبناني”.
وختمَ معوّض بالحديث عن الموقع الإلكتروني الذي ستطلقة الحركة قريباً، مؤكّداً “أنّنا جزءٌ من مجموعةٍ أوسع تقفُ وراءَ هذا الموقِع الإخباري، ونحاولُ في هذا الموقعِ الجديد تعبئةَ فراغٍ في مكانٍ معين. لذلك سيكون موقعاً سياسيّاً لـ”14 آذار” من دون أن يكون موقعاً حزبيّاً، وسيكون في تصرّف جمهور “14 آذار” الواسع بعيداً عن الرايات الحزبيّة”.