عقد رئيس “حركة الاستقلال” ميشال معوض مؤتمرا صحافيا في قاعة سيدة لبنان في سيدني، مستهلا زيارته لأوستراليا، تناول فيه الاوضاع السياسية والتطورات اللبنانية وعدم انتخاب رئيس للجمهورية ومدى تأثير ذلك على الكيان اللبناني والمؤسسات، في حضور رئيس مكتب سيدني في القوات اللبنانية شربل فخري، رئيس قسم سيدني الكتائبي بيتر مارون، ممثل اليسار الديموقراطي طوني معماري، منسق “حركة الاستقلال” في سيدني اسعد بركات وكوادر الحركة في سيدني وحشد من الصحافيين.
بعد تقديم للمسؤول عن مكتب “الوكالة الوطنية للاعلام” في أوستراليا الزميل سايد مخايل معوض قال رئيس “حركة الاستقلال”: “كلما ازور أوستراليا أشعر بالحزن لانني أقارن بين كل الذي أراه هنا وما أراه في لبنان حيث فشلنا كلبنانيين في أن نبني دولة فعلية ومؤسسات، كما أننا فشلنا في تأمين اطار يمكن اللبناني من النجاح كما ينجح في اوستراليا وكل دول العالم. فنحن في لبنان بلا دولة، بلا رئيس وبلا مؤسسات. وأفضل برهان على ذلك اننا ومنذ 10 أشهر بلا رئيس جمهورية”.
وأضاف: “هناك حوالي 200 دولة في العالم، وفي بعض هذه الدول هناك حروب وانقلابات وديكتاتوريات، ولكن ما من دولة في العالم بلا رئيس جمهورية أو بلا رأس لهذه الدولة. ومن يتابع الوضع في لبنان، يرى أن الصراع السياسي القائم في الاسابيع الماضية هو حول الآليات الواجب اتباعها في عمل الحكومة. هناك من يقول ان هذه الآلية يجب أن تكون الاجماع بغياب رئيس الجمهورية والبعض الاخر يقول علينا تطبيق المادة 65 من الدستور المتلعقة بالعمل الحكومي لتسيير مصالح الناس. إنّ أساس هذا النقاش خطأ لأنه ليس علينا مناقشة كيفية تسيير أمور الناس والحكومة، انما علينا قبل أي نقاش أن نسارع الى انتخاب رئيس للجمهورية لأنّه هو رأس كل المؤسسات التي تسير امور الناس والبلد والاقتصاد. فالمؤسسات تبنى من القمة الى الاسفل وليس العكس. ماذا يحصل في أوستراليا لو لم يكن فيها اليوم رئيس للحكومة؟ وفي حال، لا سمح الله، حصل اي مكروه للرئيس تمام سلام ماذا يحصل؟ نصبح حينها بحكومة مستقيلة، مع عدم امكانية لتسمية رئيس حكومة جديد، وعندها تكون السلطة التنفيذية قد سقطت بالكامل. فهل من أحد لديه مسؤولية أو ضمير وطني في ظل الظروف الامنيةالاستثنائية التي تمر فيها المنطقة، يضع لبنان بحالة شبه فراغ ونكون نناقش جنس الملائكة وكيفية تسيير امور الحكومة”؟
وتابع: “إنّ هذه الحكومة بغياب رئيس جمهورية منتخب يجب ان تكون بمثابة حكومة تصريف أعمال. إنّها حكومة مناط بها بعض صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة ولمرحلة انتقالية قصيرة، وليس حكومة تتصارع فيها القوى السياسية، كما يحصل الان، لمصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية. فالفرق كبير بين أن يكون لدينا بعض صلاحيات رئيس الجمهورية ولوقت قصير، وبين أن نبحث عن كيفية مصادرة هذه الصلاحيات ونتأقلم مع غياب رئيس جمهورية. جوابنا لمن يقول انه يريد تطبيق المادة 65 من الدستور تحت شعار تسيير مصالح الناس، أننا نريد تطبيق الدستور وتسيير مصالح الناس ولكن تطبيق الدستور يجب ان يكون كاملا وليس انتقائيا. نعم لتطبيق الدستور كاملا وليس فقط لتطبيق المادة 65 منه. لا يجوز تطبيق الدستور في المواد المتعلقة بتسيير عمل الحكومة وتعطيله بالمواد المتعلقة بانتخاب رئيس جمهورية. إنّ هذا العمل لا يعد تطبيقا إنتقائيا للدستور وحسب، وإنّما انقلاب عليه وعلى الشراكة الوطنية والميثاق الوطني بما تمثل رئاسة الجمهورية كرأس للدولة وكموقع أول للمسيحيين في الشراكة الوطنية ورأس كل المؤسسات الدستورية”.
وقال: “إنّ تطبيق الدستور في المواد المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية يعني أمرين: أوّلا التراجع عن التفسير الدستوري الخاطىء بما يتعلق بنصاب الثلثين الذي اعتمد لانتخاب رئيس للجمهورية، وهنا عتبي على كافة القوى السياسية بما فيها حلفاؤنا في “14 آذار” الذين رضخوا لهذا التفسير الدستوري الخاطىء. إنّ اعتماد نصاب الثلثين لانتخاب رئيس الجمهورية هو عمليا ليس فقط تفسيرا خاطئا للدستور وانما إلغاء البعد اللبناني لانتخاب رئيس للجمهورية من خلال خضوعنا للقوى الاقليمية والدولية القادرة على تعطيل الاستحقاق الرئاسي، في وقت أن التفسير الطبيعي أي النصف زائدا واحدا هو الذي يساهم في لبننة الاستحقاق الرئاسي. فمن يطالب بلبننة الاستحقاق الرئاسي كان عليه تطبيق الدستور وانتخاب الرئيس على اساس النصف زائدا واحدا. ان تطبيق الدستور فيما يخص انتخاب رئيس جديد للجمهورية يعني ايضا عدم مقاطعة الجلسات. ان تفسير مقاطعة الجلسات على انه حق هو تفسير باطل. لا يجوز على الإطلاق تفسير الدستور بالمفهوم التعطيلي وانما بمنطق تسيير المؤسسات”.
وتابع: “كل هذا يجري ولبنان يمر بأصعب مرحلة أمنية في تاريخه الحديث نتيجة الاحداث الدراماتيكية التي تطال المنطقة. فنحن نعيش في منطقة تسقط فيها الدول والحدود ونعيش صعود الارهاب الدولي الذي تحول من مشكلة محلية الى مشكلة اقليمية ودولية تطال الكثير من دول العالم بما فيها اوستراليا أيضا. وفي ظل هذه التطورات الدراماتيكية اسمحوا لي ان اعلق على بعض النقاط. فأولا اظهرت التجربة ان ما من فعل دون رد فعل. وكل دكتاتورية وظلم يولدان تطرفا. فالتطرف يجر التطرف والارهاب يجر الارهاب. وكما بينت التجربة انه لا يمكننا مواجهة التطرف السني بتطرف شيعي مقابل، ولا بديكتاتورية دموية. وبهذا المعنى اود ان اقول من هنا من اوستراليا ان الصيغة التعددية الموجودة في لبنان والتي ندافع عنها، هذه الشراكة المسيحية الاسلامية حول منطق الدولة الديموقراطية، لم تعد مسؤولية لبنانية علينا المحافظة عليها انما اصبحت اكثر من اي وقت مضى مسؤولية دولية، وخصوصا في ظل ما يجري في الشرق الاوسط. ولذلك تأكد أن مفهوم التجربة اللبنانية في مواجهة الارهاب أساسية، فالارهاب لا يواجه بقصف الطيران فقط او بمنطق أمني وعسكري حصرا، وانما ايضا بمنطق سياسي. والصيغة اللبنانية قادرة على مواجهة اي تطرف لانها مبنية على شراكة الاعتدال حول منطق الديموقراطية والحرية والتعددية”.
وأضاف: “ثانيا، بينت التجربة إنّ كلّ من ساهم في جرّ لبنان الى أتون الصراعات الاقليمية، عبر نشر السلاح غير الشرعي واسقاط الحدود والمشاركة في القتال في سوريا وتنمية التطرف، ارتكب مجزرة وخطيئة بحق نفسه وبحق لبنان. لقد بينت التجربة ان ما من بديل عن الجيش اللبناني والقوى الشرعية الللبنانية. فبالرغم من مكابرة البعض، ماذا كان باستطاعة “حزب الله” أن يفعل لولا الجيش اللبناني في الضاحية وعلى الحدود الشرقية للبنان؟ اليوم نرى وبكل فخر كيف أنّ الجيش يمتلك زمام المبادرة وقام بعملية عسكرية ناجحة لتحرير المناطق الحدودية اللبنانية من الإرهاربيين إن كانوا “دواعش” او “نصرة” او غير ذلك. نحن لدينا جيش وقوى امنية نفتخر بهم. وأوجه من هنا تحية اكبار للجيش اللبناني والقوى الشرعية ولشهداء الجيش اللبناني الذين يسقطون. ونؤكد اننا نرفض أي محاولة توريط الجيش في عمليات خارج الاراضي اللبنانية. ان قواعد الاشتباك التي يجب ان نجمع عليها في لبنان هي “الدفاع عن لبنان ومنع الإرهابيين من الدخول الى الاراضي اللبنانية، تماما كما منع أي كان من الخروج الى سوريا للقتال فيها. ونحن نرفض توريط الجيش اللبناني بمعارك خارج الحدود لأجندات لا علاقة لها بلبنان. كما نرفض اي تنسيق مع اي فصيل مسلح خارج الاراضي اللبنانية بما فيهم جيش بشار الاسد. واشدد على عبارة “فصيل مسلح” لانه لم يعد هناك جيش سوري انما ميليشيات تمارس عمليات الارهاب بحق الشعب السوري”.
وختم معوض: “في مواجهة كل هذه المصاعب، أكّدت التجربة ان ما من حل مسيحي للمسيحيين في لبنان، وما من حلّ سني للسنة في لبنان، وما من حل شيعي للشيعة في لبنان، وما من حل درزي للدروز في لبنان، وما من حل علوي للعلويين في لبنان. انما هناك حل لبناني لجميع اللبنانيين في لبنان. فلا حل لنا جميعا الا بالعودة الى الدولة اللبنانية وشراكة الاعتدال لبناء المؤسسات والدولة الفعلية وعيشنا المشترك، والعودة الى النظام الديموقراطي والى الجيش والقوى الشرعية. لقد رفعت شعارًا، أعود وأكرره “وحدو لبنان بيحمينا”.
وردا على سؤال عن حوار “تيار المستقبل” و”حزب الله” وحوار “التيار الوطني الحر” و “القوات اللبنانية” وولادة “اللقاء التشاوري”، أجاب: “في ما يتعلق بموضوع الحوارات أنا أعتبر أن أي حوار أو تلاق بين أي قوى سياسية لبنانية أمر جيد وايجابي كالحوار القائم بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” وانظر اليه بايجابية من زاوية ان هذا الحوار يمكن ان يمنع الانفجار في الشارع ويهدىء النفوس. كذلك انظر بايجابية لحوار “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” لطي صفحة الماضي الدموي. وانا كنت من الاوائل الذين دعوا الى عدم المقاطعة بين القوى السياسية الموجودة على الساحة اللبنانية. فالتواصل للوصول الى قواسم مشتركة امر ضروري وايجابي. انما السلبية في ما يحصل هو ان هذه الحوارات لا تتطرق إلى عمق المشاكل، سواء موضوع قتال “حزب الله” في سوريا أو موضوع كل السلاح خارج الشرعية، أو موضوع الانتخابات الرئاسية. لذلك أقول لجميع المتحاورين: “مرتا مرتا تهتمين بأمور كثيرة أما المطلوب فهو انتخاب رئيس جمهورية والخروج من سوريا وحصر السلاح بيد الشرعية اللبنانية. أما بالنسبة الى “اللقاء التشاوري” فأنا أدعمه بالكامل وأؤيد التنسيق بين الوزراء المستقلين ووزراء حزب الكتائب ووزراء الرئيس ميشال سليمان حول آليات العمل الحكومي، لوضع الامور في نصابها والذهاب باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية ولعدم التأقلم مع عدم وجود رئيس للجمهورية”.
وردا على سؤال عن الحوار بين “القوات اللبنانية” وتيار “المرده”، أجاب: “إنّ الحوار قائم بينهما وهناك اجتماعات دائمة من خلال لجنة تنسيق. وموقفي الثابت أن الخلاف السياسي في لبنان على امور اساسية كسيادة الدولة ومستقبل لبنان وأي خلاف آخر لا يجوز ان ينطلق من صراعات الماضي ومن صفحات دموية كانت موجودة ايام الحرب”.
وعن المقايضة في ملف العسكريين المخطوفين، أكد معوض تأييده لمبدأ المقايضة، قائلاً: “ففي كل بلدان العالم تحصل مقايضات و”حزب الله” الذي كان يمنع المقايضة في الحكومة اللبنانية هو نفسه الذي استعمل المقايضة لاسترجاع أسرى له لدى الإرهابيين واستعمل أيضا لذلك موقوفا سوريا لدى الأجهزة الرسمية، من هنا علينا العمل على تحرير العسكريين من دون أي تباطؤ ومهما كان الثمن”.
من جهة أخرى، شارك معوض في قداس الأحد في كاتدرائية سيدة لبنان، واستقبل وفودا من بلدات زغرتا الزاوية والشمال.