أكد رئيس “حركة الاستقلال” ميشال معوض على ضرورة استرجاع القرار اللبناني لتحقيق مصلحة لبنان وحماية استقراره، واستعادة الثقة به. واعتبر أن الاستقرار يعني أولاً عودة الجميع الى الدولة، الى المؤسسات الدستورية والسياسية، الى النظام الديمقراطي البرلماني التعددي الحر. فلا استقرار خارج الدولة والمؤسسات والدستور. ولفت معوض الى ان الاستقرار يعني أيضاً تحييد لبنان عن صراعات المنطقة ضمن الالتزام بالقضايا العربية الجامعة.
وشدد على أن “مصلحة لبنان أن تقوم فيه دولة فعلية وليس صورية. دولة تحتكر السلاح وتجمع السلاح من الجميع من دون استثناء كما نص عليه اتفاق الطائف، لأن أي سلاح خارج الدولة يدخلنا في لعبة المحاور التي نرى ارتدادتها الكارثية علينا اليوم”.
وأضاف: “مصلحة لبنان أن يحافظ على أفضل العلاقات مع الدول العربية وكل دول العالم، ولا يدخل بمحاور ويستجلب على حاله عقوبات مالية واقتصادية عواقبها لن تستثني أحدا”، رافضاً تحويل لبنان ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، ومعوّلا على دور رئيس الجمهورية وحكمته بهذا الموضوع.
كلام معوض جاء في كلمة له في الذكرى الـ28 لاستشهاد الرئيس رينه معوض ورفاقه التي أحيتها عائلة الرئيس الشهيد وعائلات الشهداء بقداس إلهي حاشد أقيم في كاتدرائة مار يوحنا المعمدان في زغرتا، تحت عنوان “شهيد القرار اللبناني” برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وفي ما يأتي النص الكامل لكلمة معوض:
28 سنة على استشهاد رينه معوض، وأيضاً 28 سنة تقريبا على انتهاء الحرب في لبنان، والنتيجة: حوالى 150 ألف ضحية، مئات آلاف الجرحى، وعشرات آلاف المعوّقين… ودمار هائل لا زلنا ندفع ثمنه حتى اليوم. هذه الحرب تركت وطننا مفتتا ومجتمعنا مقسّما وأضعفت مناعتنا الوطنية.
منذ 28 سنة استشهد رينه معوض، استشهد وهو يحاول أن يلغي المعابر بين أشلاء الوطن، ويوصل كل شي انقطع… ويبني دولة تحمينا وتجمعنا. واليوم، بعد 28 سنة، صحيح أن المعابر المادية سقطت، لكن المعابر النفسية والانقسامات بين اللبنانيين لا زالت قائمة لأننا لم نعد جميعاً إلى الدولة، ولا زال هناك أطراف لديها مشاريعها خارج الدولة… وحتى خارج الحدود!
مرت 28 سنة ولم نستطع بعد أن نبني الدولة، دولة تبسط سلطتها بقواها الذاتية على الـ10452 كيلومتر مربع، وتمنح الأمن والأمان لكل اللبنانيين، وتطبّق القانون على الجميع، وتقدم الخدمات من دون فساد ومن دون زبائنية للمواطنين.
الرئيس رينه معوض استشهد منذ 28 سنة لأنه أصرّ أن يسترجع القرار اللبناني. القرار اللبناني لدولة مستقلة ذات سيادة تحترم نفسها، في وقت، منذ 28 سنة حتى اليوم، لا زلنا نرى تدخلات لا تُحصى بشؤون لبنان الداخلية، ومن كل الجهات.
لكن اللوم ليس على الخارج أبدا، لأنه من حق إيران أن تعمل لمصلحتها، ومن حق السعودية ان تعمل لمصلحتها، ومن حق اميركا وروسيا وفرنسا وتركيا وقطر وكل دولة أن يعملوا مصالحهم… هذا حقهم ان يعملوا مصالحهم، لكنه حان الوقت كدولة وكلبنانيين أن نحقق مصلحتنا، مصلحة لبنان.نعم مصلحة لبنان.
مصلحة لبنان أن تقوم فيه دولة فعلية وليس صورية. دولة تحتكر السلاح وتجمع السلاح من الجميع من دون استثناء كما نص اتفاق الطائف، لأن الأيام علمتنا أن أي سلاح خارج الدولة لا يقسمنا فقط، إنما يدخلنا أيضا في لعبة المحاور التي نرى مرة جديدة ارتداداتها الكارثية علينا اليوم.
مصلحة لبنان بالاستقرار. الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي.
الاستقرار يعني أولاً عودة الجميع الى الدولة، الى المؤسسات الدستورية والسياسية، الى النظام الديمقراطي البرلماني التعددي الحر. فلا استقرار خارج الدولة والمؤسسات والدستور.
والاستقرار يعني أيضاً تحييد لبنان عن صراعات المنطقة ضمن الالتزام بالقضايا العربية الجامعة. والتحييد ممارسة فعلية عبر الامتناع نهائيا وبشكل كامل عن أي تدخل بشؤون أي دولة خارجية، عربية أو غير عربية. هذا يكون لبنان سويسرا الشرق وليس ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية… حان الوقت كي نتعلم ممّا حصل معنا ومما يحصل مع غيرنا، ونحن نراهن اليوم على دور فخامة رئيس الجمهورية وحكمته بهذا الموضوع.
مصلحة لبنان الذي هو دولة مؤسسة في الأمم المتحدة وفي جامعة الدول العربية، أن يلتزم بالقرارات الدولية، وبالإجماع العربي وقرارات جامعة الدول العربية، لأن هناك لبنانيين منتشرين في كل دول العالم، وفي كل الدول العربية، ودوره واقتصاده مرتبطان بشكل عميق بعلاقاته بهذه الدول. من هذا المنطلق مصلحة لبنان أن يحافظ على أفضل العلاقات مع الدول العربية وكل دول العالم، ولا يدخل بمحاور ويستجلب على حاله عقوبات مالية واقتصادية عواقبها لن تستثني حدا.
مصلحة لبنان بأن يكون، كما هو اليوم، ضمن أول 25 دولة على لائحة الإبداع الفردي في العالم، وليس أن يكون، كما هو اليوم بكل أسف، في المرتبة 138 من أصل 150 دولة على سلّم الفساد. مصلحة لبنان أن نبني دولة تشبه إبداع أكثرية أبنائه وليس فساد بعض مسؤوليه.
مصلحة لبنان بأن يفتخر كل لبناني عندما يحمل جواز السفر الذي عليه الأرزة في كل دول العالم، لا أن يخجل به ويكون حلمه الحصول على “باسبور” أجنبي من اي دولة في العالم.
ولتحقيق كل هذه الأمور، لكي نستطيع أن نحقق مصلحة لبنان، كي نستطيع أن نبني دولة، كي نستطيع ان نحمي استقرار لبنان، كي نستطيع ان نستعيد الثقة بلبنان، كي نستطيع أن نبني اقتصادنا ومستقبل أولادنا، يجب علينا استرجاع قرارنا اللبناني.
تحية للرئيس رينه معوض شهيد القرار اللبناني!”